الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يتبادر من السؤال هو أن شخصين اشتريا قطعة أرض، واتفقا على أن يبنياها ويقتسما المبنى قسمة رأسية، ثم اتفقا بعد ذلك على أن يقوم أحدهما بتمويل عملية البناء كلها على أن يدفع الثاني حصته مقسطة ، وبعد ما تحسنت ظروف هذا الأخير، صار صاحبه يطالبه بأحد احتمالين: إما تعجيل ما عليه من الأقساط، وإما بيع المبنى بالأرض، على أن يأخذ كل منهما من الثمن نسبة ما تم دفعه. أي أن تكلفة البناء والأرض هي: 160+ 430= 590.
دفع منها الطرف الثاني: 110، والطرف الأول: 480. فيكون لكل منها من الثمن بقدر نسبة ما دفعه.
فإذا كان ما فهمناه من السؤال هو مقصود السائل، فالذي نرى رجحانه هو أن الطرف الثاني ليس ملزما بما طلبه منه الطرف الأول، وإنما عليهما أن يبقيا على ما تم الاتفاق عليه من التقسيط، إلا أن يتراضيا على غيره ، مع أن جمهور العلماء وهم: الحنفية والشافعية والحنابلة يقولون: إنه لا يجوز التأجيل في سداد القرض، ولا يلزم إن اشترط في العقد، وللمقرض أن يسترده قبل حلول الأجل، لأن الآجال في القروض باطلة، ودليلهم أن القرض عقد تبرع وإرفاق، فلو لزم فيه الأجل لم يبق تبرعا، ولأن عقد القرض يوجب رد المثل في المثليات، فأوجبه حالا، وكذلك التأجيل تبرع ووعد، فلا يلزم الوفاء به، لكن استحب الإمام أحمد للمقرض الوفاء بوعده في التأجيل فقال: وينبغي أن يفي بوعده. انتهى من الإنصاف
وذهب المالكية: إلى جواز التأجيل في الوفاء بالقرض، وأنه ملزم إذا سمي عند العقد، فإن لم يسم عند العقد، فإنه يحدد بالعرف، وهو الراجح. قال في فتح العلي المالك: فإن اقترض إلى أجل سماه لزم بلا خلاف في المذهب، وإن لم يشترط أجلا رجع إلى التحديد بالعادة. انتهى
وقول المالكية هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما نقله عنه البهوتي في كشاف القناع فقال: واختار الشيخ صحة تأجيله ولزومه إلى أجله، سواء كان الدين قرضا أو غيره، كثمن مبيع أو قيمة متلف ونحوه، لعموم حديث: المؤمنون عند شروطهم. انتهى.
وصوبه المرداوي في الإنصاف فقال: وقيل: لا يحرم تأجيله وهو الصواب. انتهى.
والله أعلم.