الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من المعلوم أن للرجل أن يمنع زوجته من الخروج إلى ما ليس ضروريا بالنسبة لها، ومنه حضور حلقات القرآن إذا كانت تحفظ ما تصح به صلاتها، لكن إذا كانت زوجتك مستفيدة من حفظ القرآن وكان لا يترتب على ذهابها لذلك مفسدة مثل ضياع ولدها أو بيتها فلا شك أن الأولى هنا أن تتركها تتابع حفظ القرآن الكريم وتعينها على ذلك وستكون شريكها في الأجر إن شاء الله تعالى، ولا يخفى عليك أن حفظها لكتاب الله تعالى سيعود على أولادك بالنفع لأن الأطفال غالبا يتعلمون ويحفظون من حفظ أمهم، وإن كنت تعني بقولك أنها تذهب بهدف التسوق أي أنها تبيع أو تشتري من زميلاتها في المركز فلا بأس بذلك لا سيما إذا كانت مع ذلك تتقدم في الحفظ، مع أن مجرد جلوسها في حلقات العلم ومصاحبتها الأخوات الفاضلات هناك له فائدة عظيمة، وإن كان المراد أنها تذهب إلى السوق بحجة أنها ذاهبة إلى مركز التحفيظ فإن كان ذلك نادرا فلا عبرة بالنادر ولا تعاقبها على ذلك بمنعها من متابعة تعلم القرآن الكريم، وأحسن بها الظن إذ قد تكون لها حاجة ملحة واتق الله تعالى فيها ، وأما إن كثر ذلك منها فالأولى أن تنذرها أولا بأنها إذا لم تنتظم في خروجها إلى المركز ولم تترك الذهاب إلى السوق لغير حاجة فستقوم بمنعها، فإن امتثلت فاتركها تتابع التعليم، وإلا فالأصل أن لك منعها من الخروج إلى ما ليس بضروري لها، ولك أن تتركها تخرج رغم ذهابها للسوق لغير حاجة، هذا ما لم يترتب على خروجها إليه محظور شرعي مثل أن تخرج متزينة أو كانت يخاف عليها من الفتنة، وإلا كان منعها من الخروج بهذه الصفة متعينا، أما ما ليس لها منه بد كالذهاب إلى الطبيب للعلاج والخروج للسؤال عن مسألة فقهية تحتاجها إذا لم يكن يغنيها زوجها بفقهه أو بسؤاله نيابة عنها ونحو ذلك فليس للزوج أن يمنع زوجته منه، واعلم أن منعها من الخروج إلى المركز ليس علاجا لمقاطعتها لأهلك ولا لما تصفها به من الكبر، بل إن علاج الأمر الأول يكون بتدخلك أنت بالإصلاح فيما بينهم، وتذكير زوجتك بعدم جواز مقاطعة المسلم لأخيه المسلم، ولا سيما إذا كانت تصله به علاقة اجتماعية، وقد تكون هنالك صلة نسب، وتطلب من أهلك أيضا أن يساعدوا على ذلك، ولتنظر الفتوى رقم : 54733 ، ولتطلع من يتسبب في المقاطعة على الفتوى رقم : 50558 ، والفتوى رقم : 73025 ، ولبيان علاج الكبر راجع الفتوى رقم : 19854 .
والله أعلم .