الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول للأخ السائل الكريم أن المقام والتجنس بجنسيات الدول غير المسلمة لا يجوز إلا لضرورة ملحة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 58238، والفتوى رقم: 26795.
وإذا كنت مضطراً للتجنس في هذا البلد ثم أجبرت على التجنيد المذكور, فعليك أن تستمر في محافظتك على الصلاة, وأن تعتز بدينك فتصلي كل صلاة في وقتها, ولا تكن مثل من يخجل من ممارسة شعائر دينه إذا كان في مكان لا يحتفى فيه بالمسلم المحافظ على دينه، لكن إذا كانت طبيعة العمل المذكور لا تستطيع معها أن تصلي كل صلاة في وقتها, أو كانت جهة العمل تمنعك من ذلك وكنت مضطراً إلى هذا العمل، فلا حرج إن شاء الله في جمعك العصر مع الظهر والعشاء مع المغرب بعد دخول وقت الأولى منهما جمع تقديم أو تأخير من غير قصر، شريطة أن يبقى ذلك مقيداً بوجود الحرج والمشقة، فقد أجاز فقهاء الحنابلة الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء في الحضر لدفع الحرج والعذر، جاء في كشاف القناع وهو يعدد أعذار الجمع: والحالة السابعة والثامنة لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله، أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه. انتهى.
وجاء في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله ومال غيره بترك الجمع. انتهى.
واستدل بعض أهل العلم بما ورد: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير سفر ولا مطر، فسئل ابن عباس فقيل له ما أراد بذلك؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته. وروى الشيخان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانياً... الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
أما إذا لم يكن هناك حرج ولا مشقة ولا ممانعة من الجهة المسؤولة من القيام بكل صلاة في وقتها فلا يجوز الجمع هنا لعدم وجود الحرج والمشقة، وننبه الأخ السائل على أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا في حالات الجمع المرخص فيها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 5589، ويختص الجمع بمشتركتي الوقت الظهرين والعشاءين، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 47057.
والله أعلم.