الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكر لك هذا الثناء ونسأل المولى عز وجل أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، ونبشرك أيها الأخ الكريم أن لا حائل بينك وبين مغفرة الله ورضوانه سوى أن تتوب إليه توبة نصوحاً، وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: 5091، والفتوى: 5450.
وإذا تبت وعملت صالحاً فإن الله سبحانه وتعالى يبدل سيئاتك التي كنت تعملها إلى حسنات منة منه وكرماً، كما في قوله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70}، وقوله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39}، وإذا حسنت توبتك وقويت صلتك بربك فستجد طعم السعادة والأنس والطمأنينة سيما في الصلاة فهي صلة بين العبد وربه، ومن أقامها نهته عن الفحشاء والمنكر، كما في قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.
وأقرب ما يكون المرء من ربه وهو ساجد. كما عند مسلم من حديث أبي هريرة، وقد جعلت قرة عين نبينا صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وهي كنز من حرمه فقد حرم خيراً كثيراً، وقد بينا جزاء تاركها والمتهاون بها في الدنيا والآخرة في الفتوى رقم: 6061.
وما تجده من وحشة وألم وخيبة أمل فإن سببه المعاصي والبعد عن الله وسلوك سبل الغواية والردى فهذا هو الداء وقد وصفنا لك الدواء فالزم، وانظر الفتوى رقم: 40632.
واعلم أنه قد تواجهك مصاعب وتعترض طريقك متاعب فتكل وتمل، وكل ذلك من الشيطان فهو عدوك وإذا استقمت وتركت سبيله خسرك، فسيقعد لك كل مرصد ويأتيك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك يزين لك المعاصي ويريك ما فيها من اللذة ويبغض إليك الطاعات والقربات، كما أخبر المولى عنه في قوله: وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا {النساء:119}، وقوله تعالى: ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:17}.
وننصحك أيها الأخ الكريم أن تختار رفقة صالحة تعينك على طاعة الله وتذكرك به إذا نسيت، وإياك ومصاحبة أهل الفسوق والفجور فعاقبة صحبتهم الهلاك والثبور، وقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}، فأقبل على ربك يقبل عليك، وأكثر من ذكره يطمئن قلبك وتسعد نفسك، فإنه يقول: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، ويقول تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}، ويقول: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}، وللفائدة والتفصيل انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1095، 10263، 69465.
والله أعلم.