الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ظلم بعض الورثة والنقص من حقهم أمر منكر لا يجوز للمسلم فعله، ويكون الأمر أشد إذا كان لشخص ضعيف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة . رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما وحسنه الألباني، ولذلك فإن عليكم وعلى عمكم بالدرجة الأولى الذي تولى تقسيم التركة التي حصل فيها الغبن لأخواته على ما أحس به والدكم أن يحقق في الأمر، فإذا كان نقصهن شيئا من حقهن فعليه أن يرده إليهن كاملا غير منقوص أو يستسمحهن حتى يرضين بالتنازل عنه بطيب أنفسهن إذا كن أهلا لذلك، ومن هو أهل لذلك هو البالغ الرشيد، فالحقوق إذا لم تؤد اليوم فستؤدى غدا من الحسنات في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء . رواه مسلم . وفيما يخص إرثكم من أبيكم فلا يمكن لنا القطع بحله أو حرمته، ولكن الظاهر أنه حلال حسبما يبدو من السؤال ما دامت القسمة التي ذكرت حصلت بالتراضي إذا كان الجميع رشداء بالغين، لأن قسمة التراضي لا يشترط فيها التعديل والتقويم، ولا يؤثر عليها كون البعض أخذ المباني دون الأراضي الزراعية أو العكس، ولو حصل تفاوت في الأنصبة أو غبن للبعض ما دام التراضي حاصلا من أصحاب الحقوق البالغين الرشداء، وأما مجرد نية والدكم بالتنازل عن نصيبه من تركة والدته لصالح أخواته فلا يترتب عليها شيء من قبله هو ولا من قبلكم ( أنتم الورثة ).
والله أعلم.