الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي أجبناك به في سؤالك السابق هو أنه لا يجوز أن تعمل في مكتب المحاماة الذي يدافع أحياناً عن مجرمين. وقلنا لك إنك إذا كنت قد عملت به بالفعل، فالذي يباح لك مما أخذته من المال هو ما كان في مقابل الدفاع عن الحق. وأما الذي أخذته في مقابل الدفاع عن الباطل فهو حرام عليك، ويجب أن تتخلص منه في وجه من وجوه الخير، وما أخذته في مقابل الحق فلك أن تتصرف فيه التصرف المشروع ومن ذلك دفعه لرفع ظلم عنك. ومعنى هذا أن الواجب عليك من الآن هو أن تتوقف عن العمل بالمكتب المذكور، طالما أنك لا تستطيع تجنب الدفاع عن الباطل.
وأما كيفية تمييز الحلال من الحرام بالنسبة لما استلمته من الأجور، فهو بالاجتهاد في تحديد نسبة الدفاع عن الحق وعن الباطل. فإذا كان الباطل نسبته 50% مثلا، كان عليك أن تتخلص من 50% من الراتب، وقس على ذلك. مع أنه ينبغي لك الاحتياط، لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق. والتخلص من المال الحرام يكون بصرفه في وجه من وجوه الخير، كإعطائه للفقراء والمحتاجين، وكإنفاقه في المصالح العامة للمسلمين.
وأما الرشوة فإن كانت لإبطال حق أو تحقيق باطل، كان دفع المال الحرام فيها ظلمة فوق ظلمة. وإن كنت تدفعها لترفع عنك بها ظلما، كان المتعين فيها مالك الحلال.
والله أعلم.