الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإنسان في هذه الحياة بين لمة ملك يأمره بخير، ولمة شيطان يأمره بشر، ففي الحديث عند الترمذي والنسائي وغيرهما عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء. هذا حديث حسن غريب، وقال المناوي في فيض القدير: وسندهما سند مسلم إلا عطاء بن السائب فلم يخرج له مسلم إلا متابعة.
وإذا جاهد العبد نفسه على فعل الطاعة وترك المعصية فإن الهداية حليفه، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}، وإذا فعلت ما يجب عليك من غض البصر، وتجنب ما يثير الشهوات، فلا إثم عليك في الخواطر التي ترد على ذهنك ولم تسمحي لها أن تستقر، وليس هذا دليلاً على عدم رضا الله عنك، فإن هذا من الابتلاء والاختبار، وأنت مأجورة على صبرك وكف شهوة نفسك، وصرف هذه الخواطر قدر استطاعتك، والله يرعاك ويحفظك ويصرف عنك كيد الشيطان ومكره وتزيينه.
والله أعلم.