الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعامل يجب عليه القيام بعمله الذي التزم به ووقع به عقداً مع طرف آخر حسب العقد، وحسب الشروط المتفق عليها، فالعقد يجب الوفاء بكل مقتضياته، عملاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم.
والأجرة التي يتقاضاها العامل لا تباح له إلا إذا التزم بما تعاقد عليه مع الجهة التي يعمل عندها، وإذا كانت النصوص المنظمة للعمل تعطي العامل الحق في التخفيف من ساعات العمل إذا مرض، فله أن يخفف منها بالقدر المحدد في تلك النصوص.
وأما إعداد أوراق تفيد بأن العامل في درجة من المرض أسوأ مما هو فيه في نفس الأمر، فإنه يعتبر من التزوير الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف، حيث قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
وعليه فواجبك أن تبادري إلى التوبة مما وقعت فيه من أكل المال بغير حق، ومن تمام توبتك أن تطلعي جهة العمل على أنه قد تم شفاؤك مما كنت تشكينه من المرض ليصلحوا وضعيتك، ولا يجوز أن تطيعي زوجك في هذا الموضوع، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. كما في الحديث الشريف الذي رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني.
وبالنسبة لما مضى من الزمن، فواجبك أن تصرفي ما استفدته من المال بغير حق في مصالح المسلمين العامة، هذا إذا كانت المؤسسة تابعة للقطاع العام، وأما إن كانت مؤسسة خصوصية، فإن رضي أصحابها بأن يبقى لك الراتب كاملاً بعد علمهم بما كان من أمرك، فإنه حينئذ يكون هبة منهم إليك، فلا حرج عليك في الاستمرار معهم كما كنت، وإلا رددت إليهم ما لم يكن من حقك.
والله أعلم.