الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما فعله أبوكم من إهمالكم والتفريط في حقوقكم وعدم مواساتكم في تلك الظروف العصيبة التي حلت بكم، تعتبر أخطاء كبيرة منه، ومع هذا فلتعلموا أن من الواجب المؤكد عليكم بره والإحسان إليه، وطاعته في المعروف، ومصاحبته بالمعروف، ولو كان ظالما جدا، لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15} وقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا {العنكبوت:8}. وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23،24}
وما ذكرته من المستحقات عن سنوات الخدمة إن كانت مقتطعة من راتب الموظف المتوفى فإنها تكون تركة ولا يجوز أن يدخلها غير الورثة الشرعيين. وإن كانت مجرد هبة من الشركة فإنها تكون لمن حددتها له الجهة المانحة ، وعلى تقدير أنها تركة فليس لكم أن تأخذوا منها شيئا إلا بإذن الأب، لأنكم – كما ذكرتَ- محجوبون عن الإرث بوجوده هو، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
وما ذكرته من سوء معاملته لا يبيح لكم أخذ شيء من ماله دون إذنه ورضاه.
والله أعلم.