الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مداراة الناس ومجاملتهم ، وإظهار الحب لهم كسبا لهم، وتأليفا لقلوبهم أمر مطلوب شرعا، قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة . انتهى
وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه: باب المداراة مع الناس، ويذكر عن أبي الدرداء: إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم، ومعنى نكشر: نبتسم.
وعن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول؟ فقال: أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه . والحديث رواه مسلم أيضا. هذا هو الأصل، إلا أن ذلك مقيد بأن لا يقول كذبا ولا يحلف على ذلك، وإلا كان آثما، فالكذب محرم، والحلف عليه محرم آخر، وهو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، ولا نستطيع الحكم على ما حلفت عليه الأخت: إن كان صدقا أو كذبا، فهذا أمر لا يعلمه غيرها، فإذا كانت تشعر نحوهم بشيء من الحب، ولو في أثناء المكالمة أو عند سماعها كلاما طيبا منهم - كما ذكرت - فتكون بارة في يمينها ، وليس عليها إُثم إن شاء الله، ولا حرج عليها في دعائها لأم زوجها بالبقاء وطول العمر، ويدخل هذا في القول الحسن، المأمور به بقوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة:83}، وفي الكلمة الطيبة التي هي صدقة كما في الحديث: والكلمة الطيبة صدقة . متفق عليه .
وأما عن كيفية حديثها معهم فليكن بما أمر الله عز وجل من القول الحسن، والكلمة الطيبة، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53} قال ابن كثير في التفسير: يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم ومحاورتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم. انتهى
وفق الله الأخت لما يحب ويرضى وأخذ بناصيتها إلى البر والتقوى .
والله أعلم .