الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعنى الآية الكريمة هو أن الله تعالى هو الأحق بالعبادة، ونبيه صلى الله عليه وسلم أحق بالاتباع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يهدي الناس هداية دلالة وإرشاد إلى الخير، والله يهديهم هداية توفيق وقبول، بخلاف الأصنام المصنوعة من الخشب والحجارة ونحو ذلك فإنها لا تهدي غيرها ولا تدله على شيء، بل هي محتاجة إلى غيرها في صنعها وحملها، وقد بين المفسرون رحمهم الله معنى الآية المذكورة بنحو ما ذكرنا، ومنهم العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى، فقد قال في معناها: شركاءكم لا تقدر على هداية ضال وإنما يهدي الحيارى والضلال ويقلب القلوب من الغي إلى الرشد الله الذي لا إله إلا هو، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى، أي أفيتبع العبد الذي يهدي إلى الحق ويبصر بعد العمى أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا أن يهدى لعماه وبكمه، كما قال تعالى إخبارا عن إبراهيم أنه قال: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ، وقال لقومه: قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ، إلى غير ذلك من الآيات . وقوله فما لكم كيف تحكمون أي فما بالكم أن يذهب بعقولكم كيف سويتم بين الله وبين خلقه وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا، وهلا أفردتم الرب جل جلاله المالك الحاكم الهادي من الضلالة بالعبادة وحده وأخلصتم إليه الدعوة والإنابة اهــ
والله أعلم.