الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم السائل الكريم أن للمالكية في هذه المسألة قولين فقط، أحدهما اعتبار أو قات الصلاة من زوال الشمس إلى طلوعها من اليوم التالي لأن ما بين الزوال والغروب وقت الظهرين، وما بين الغروب وطلوع الفجر وقت العشاءين، وما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وقت الصبح، وهذا القول هو الذي اقتصرنا عليه في الفتوى المذكورة، والثاني هو اعتبار كل الوقت أي من الزوال إلى الزوال، والسبب في اقتصارنا على القول باعتبار وقت الصلاة إن لازم السلس كل الوقت أو جله أو نصفه هو أن ابن عرفة -وهو-من محققي فقهاء المالكية، صرح بأنه هو الظاهر، ولم نجد منهم من استظهر أو شهر القول باعتبار جميع الوقت. قال الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل: وفي اعتبار الملازمة من دوام وكثرة ومساواة وقلة في وقت الصلاة خاصة وهو من الزوال إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني أو اعتبارها مطلقا لا بقيد وقت الصلاة فيعتبر حتى من الطلوع إلى الزوال تردد للمتأخرين. وقال الدسوقي في حاشيته على شرح الدردير: والمراد بهم هنا ابن جماعة والبودري وهما من أشياخ مشايخ ابن عرفة، فالقول الأول قول ابن جماعة واختاره ابن هارون وابن فرحون والشيخ عبد الله المنوفي، والثاني: قول البودري، واختاره ابن عبد السلام، والظاهر من القولين عند ابن عرفة أولهما، وهذا التردد لعدم نص المتقدمين. انتهى. ثم إنما ذكر من أن صاحب السلس إذا نام لا يشعر بنزول السلس وبالتالي فلا يتمكن من معرفة ضبط وقت استمرار السلس لا يخلو من تكلف، ولذلك لم نجد من تطرق له من الفقهاء، وإذا سلمنا أنه لا يشعر بشيء أثناء النوم فإنه لا يجهل حاله عند النوم وعند الاستيقاظ منه هل كان السلس متوقفا أم لا، فإذا نام والسلس متوقف واستيقظ ولم يجد أي علامة له فمعنى ذلك أنه ينقطع في هذا الوقت بخلاف ما إذا نام والسلس غير متوقف واستيقظ وهو كذلك.
أما عن الاستفسار الثاني فإن الغالب في المذي أن يخرج بعد حصول لذة بخلاف البول، هذاهو الغالب، وعليه فإذا كان الخارج المذكور قد حصل بعد لذة فإنه يحمل على أنه مذي فيغسل ذكره كله ويبتدئ الوضوء من جديد، وإن لم تكن هناك لذة فإنه بول، وهو غير ناقض هنا ما دمت مصابا بسلس البول، وانظر الفتوى رقم: 12198.
والله أعلم.