الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في العقود ومنها البيع والشراء التراضي المذكور في قول الله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ{النساء: 29}. وقال خليل في مختصره مبينا ما ينعقد به البيع: ينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن بمعاطاة. وببعني، فيقول بعت، وبابتعت أو بعتك ويرضى الآخر فيهما.
ولا يغير من نفاذ البيع كون السلعة قد بيعت بأغلى بكثير من سعر السوق. قال خليل: ولم يرد بغلط إن سمي باسمه، ولا بغبن ولو خالف العادة.
وفي الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية في ظاهر الرواية والشافعية والمالكية على المشهور إلى أن مجرد الغبن الفاحش لا يثبت الخيار, ولا يوجب الرد.
وإنك لم تفصل لنا ما ذكرته من الطرق الملتوية التي استخدمتها الشركة البائعة حتى نعرف ما إذا كان فيها ما يمكن رد البيع به أم لا.
وما ذكرته من الصلح بين الشركتين ملزم لكل منهما بشرط أن لا يكون فيه تحليل محرم أو تحريم حلال. قال الإمام البهوتي في كشاف القناع: (وهو) أي الصلح شرعا (معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين) -أي متخاصمين- وهو جائز بالإجماع، لقوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ، وقوله: وَالصُّلْحُ خَيْر ، ولحديث أبي هريرة مرفوعا: والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الحاكم. انتهى.
وسواء كان الصلح عند قاض أو لم يكن، إلا أن كونه عند قاض أقطع للنزاع.
وعلى أية حال، فإن الشركة المدينة إذا كانت قد بلغت حد الإفلاس، بأن زادت ديونها على جميع ممتلكاتها، فإن الشرع يعطي لدائنيها الحق في أخذ جميع ممتلكاتها –سوى ما يترك للمفلس- ويقسمها الدائنون بينهم بحسب الحصص التي هي لهم، ويمهلونها بالباقي إلى أن يحصل لها يسار. قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة: 280}.
والله أعلم.