الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نوصي الأخ السائل أن يتقي الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه مع ملازمة الإخلاص في القول والعمل، فبذلك يدخل الجنة بفضل الله تعالى ولو لم يترك طيبات الطعام، لأن الله سبحانه وتعالى أباح للمسلم أن يأكل من الطيبات من الرزق في الدنيا، قال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ { الأعراف:32 }، وقد عاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل أقوام منعوا أنفسهم مما أحل الله لعباده تقربا منهم بذلك إلى الله تعالى، وذلك فيما أخرجه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وإذا كان السائل يعني بقتل شهوة الطعام أنه يتركه بالكلية فإن ذلك لا يجوز لأنه يؤدي إلى التهلكة وقتل النفس، وقد نهى الله عن ذلك فقال: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا { النساء:29 }، وقال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ { البقرة:195 }، وشهوة الطعام جبلية ولا يمكن قتلها، وإن كان يعني التقليل والحد من التنعم والترفه في المطعم لئلا ينقص ذلك من أجره في الآخرة جاز له ذلك، ولا يعتبر ذلك عدم شكر للنعمة كما أسلفنا في الفتوى رقم:61760 .
والله أعلم.