الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن السمسار وكيل بأجر، والوكيل مؤتمن يحرم عليه الخيانة والغدر، فقيامك بشراء ما وكلت في شرائه لنفسك حرام شرعا من هذه الحيثية.
جاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق:
ولو وكله بشراء شيء بعينه لا يشتريه لنفسه معناه لا يتصور أن يشتريه لنفسه وذلك لأنه يلزم فيه الغدر بالمسلم وهو حرام بل لو اشترى ينوي بالشراء لنفسه أو تلفظ بذلك يكون للموكل. اهـ.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى جواز أن يشتري الوكيل لنفسه ما وكل على شرائه بعينه، ومع هذا فالصورة المذكورة حرام أيضا لما فيها من الغدر والشراء على شراء أخيه لأنه قد حصل ركون من البائع والمشتري بدليل الاتفاق على الثمن ودفع العربون.
جاء في إعلام الموقعين: لو وكله أن يشتري له جارية معينة فلما رآها الوكيل أعجبته وأراد شراءها لنفسه من غير إثم يدخل عليه ولا غدر بالموكل جاز ذلك لأن شراءه إياها لنفسه عزل لنفسه وإخراج لها من الوكالة والوكيل يملك عزل نفسه في حضور الموكل وغيبته وليس في ذلك بيع على بيع أخيه أو شراء على شراء أخيه إلا أن يكون سيدها قد وكل إلى الموكل وعزم على إمضاء البيع له فيكون شراء الوكيل لنفسه حينئذ حراما لأنه شراء على شراء أخيه. اهـ.
جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: لا يجوز للسمسار بعد رضى البائع والمشتري بالثمن وأمر البائع له ببيعه بما اتفقا عليه أن يبيع ذلك لغير المشتري الأول حتى يبتاع أو يذر. اهـ.
وعليه، فإذا تقرر حرمة ما فعله السائل فإن كفارته أن يتوب إلى الله عز وجل ويعزم على أن لا يعود لمثله، وأما البيع إن وقع فهو للموكل على مذهب الحنفية كما مر، أو يكون بيعا باطلا كما هو المذهب عند الحنابلة لأنه بيع على بيع في زمن الخيار.
جاء في مطالب أولي النهى:
وحرم ولا يصح بيع على بيع زمن الخيارين لحديث ابن عمر: ولا يبيع الرجل على بيع أخيه. متفق عليه. والنهي يقتضي الفساد
والله أعلم.