الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أهم الضوابط الملفوظة للام القسم المحذوف أن تقع بعدها نون التوكيد سواء كانت ثقيلة أو خفيفة، بل نقل ابن هشام عن الزمخشري أن لام القسم ملازمة لنون التوكيد، وذلك مثل قول الله تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ... {المائدة:82}، وقوله تعالى: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ {التكاثر:6-7-8}، وكقوله تعالى: لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ {يوسف:32}، لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ {العلق:15}، كما يمكن معرفتها بالمعنى وسياق الكلام المذكورة فيه، وأكثر ما تلتبس به لام القسم هو لام الابتداء لاشتراكهما في الفتح واستحقاق صدر الكلام والتوكيد والتحقيق.
كما قال الزجاجي في كتاب اللامات عند كلامه على لام الأمر: وهذه اللام لشدة توكيدها وتحقيقها ما تدخل عليه يقدر بعض الناس قبلها قسما فيقول هي لام القسم كأن تقدير قوله: لزيد قائم: والله لزيد قائم فأضمر القسم، ودلت عليه اللام، وغير منكر أن يكون مثل هذا قسما لأن هذه اللام مفتوحة كما أن لام القسم مفتوحة ولأنها تدخل على الجمل كما تدخل لام القسم، ولأنها مؤكدة محققة كتحقيق لام القسم، ولكنها ربما كانت لام قسم وربما كانت لام ابتداء واللفظ بهما سواء، ولكن بالمعنى يستدل على القصد، ألا ترى أن من قال: لزيد قائم محققاً لخبره لم يقل له حنثت إن كان زيد غير قائم، ولكن إذا وقع بعدها المستقبل ومعه النون الثقيلة أو الخفيفة فهي لام قسم ذُكر القسم قبلها أو لم يذكر كقولك: لأخرجن... ولتنطلقن يا زيد..
وفي هذا الموضوع بحث طويل واختلافات كثيرة بين علماء العربية لا يتسع المقام للاسترسال فيها، ويمكنك الرجوع إليها والاطلاع عليها في كتاب اللامات للزجاجي وكتاب مغني اللبيب لابن هشام.
والله أعلم.