الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من المعلوم أن الطهارة من الخبث شرط في صحة الصلاة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن من صلى وهو متلبس بنجاسة لا يعفى عنها غير عالم بها أصلاً أو علم بها ونسي إزالتها حتى فرغ من الصلاة أن صلاته صحيحة، وهذا ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ويرى المالكية أنه تستحب له الإعادة إذا اطلع عليها قبل خروج الوقت، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها، أو جهلها ابتداء. انتهى.
وقال النووي في المجموع في الفقه الشافعي، فرع (في مذاهب العلماء فيمن صلى بنجاسة نسيها أو جهلها): ذكرنا أن الأصح في مذهبنا وجوب الإعادة وبه قال أبو قلابة وأحمد، وقال جمهور العلماء: لا إعادة عليه، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب وطاوس وعطاء وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ويحيى الأنصاري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور، قال ابن المنذر وبه أقول، وهو مذهب ربيعة ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار. انتهى.
وإذا كانت إعادة الصلاة غير لازمة في حال الاطلاع على النجس بعد الفراغ منها فالطواف من باب أولى لأن اشتراط الطهارة لصحة الصلاة محل اتفاق بين أهل العلم بخلاف الطواف، فإن من أهل العلم من لا يرى اشتراط الطهارة له، ففي المدونة في الفقه المالكي: قلت: أرأيت من طاف بالبيت وفي ثوبه نجاسة أو جسده الطواف الواجب أيعيد أم لا؟ قال: لا أرى أن يعيد، وهو بمنزلة من قد صلى بنجاسة فذكر بعد مضي الوقت، قال: وبلغني ذلك عمن أثق به. انتهى.
وبهذا يتبين للسائل الكريم أنه لا تجب عليه الإعادة في المسألتين، وأما من طاف حين الوداع طوافاً واحداً بنية الوداع والإفاضة فطوافه صحيح مجزئ عنهما.
والله أعلم.