الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه كان عليك أن تبحث عن زوجة صالحة تطيع ربها ولا تعصي زوجها، وتتوفر فيها الصفات التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وقال صلى الله عليه وسلم: الدنيا متاع، وخير متاعها: المرأة الصالحة. رواه مسلم. قال صلى الله عليه وسلم أيضا: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته. وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما ذكرته عن زوجتك هذه يعتبر نشوزا، والنشوز هو عصيان المرأة لزوجها وترفعها عن طاعته في المعروف, وقد أرشد الله الأزواج في علاج ذلك إلى اتباع خطوات معينة. قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا {النساء:34}.
وإذا تحقق نشوز المرأة، وعصيانها لزوجها سقطت نفقتها إلا إذا كانت حاملا أو مرضعا، فيكون لها حينئذ نفقة الحمل والرضاع. وهذه النفقة يرجع فيها إلى الوسع والعرف، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطَّلاق:7} أما نفقة الطفل فلا تنقص بعصيان أمه.
ثم إذا أصرت المرأة على عصيانها ورفضها العودة إلى الزوج، فمن حقه أن يطالبها بما كان قد أعطاها. فقد جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق, إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فردتها عليه، وأمره ففارقها. رواه البخاري.