الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من كان في بلد لا يستطيع فيه إظهار شعائر دينه والقيام بأوامر ربه فإنه يتعين عليه الهجرة منه إلى مكان يعبد فيه ربه. ويدل لذلك قول الله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ {العنكبوت : 56}. وقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 97 ـ 100 }.
وإذا أراد المسلم الهجرة فينبغي أن يختار أفضل البلاد وأرفعها مستوى في الدين حتى يجد بيئة صالحة وصحبة صالحة تعينه على الطاعة، ويدل لذلك ما في صحيح مسلم أن العالم لما سأله التائب عن التوبة قال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
فكان من المتعين عليك أولاً البحث عن دولة مسلمة تتوفر فيها حرية الدين، فإن لم تتيسر وكانت هناك بعض دول الكفر تعطي حرية للمسلم في عبادة الله تعالى, فلا شك أن الهجرة إليها أولى من البقاء في الدولة التي لا تعطي الحرية للمسلم في العبادة.
وعلى المسلم المهاجر إلى دول الكفر أن يتحفظ من مخاطر بلاد الكفر ويتفقه في أمور دينه, ويرتبط بالمساجد وأهلها, ويكثر من حضور مجالس العلم التي تصله بالله، ويحافظ على الأذكار المأثورة وصلوات الفرض والنفل, ويبتعد عن أجواء السوء والرذيلة ورفاق الشر والفجور.
فعليك أن تبادر إلى التوبة مما اقترفته وتتقي الله, وتقلع عن أماكن اقتراف المعاصي والفواحش. واعلم أن الزنا كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وقرن الله جل وعلا الوعيد عليه بالوعيد على الشرك وقتل النفس، فقال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:68-70}.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الله قد أباح نكاح نساء الكفار بشرط أن يكنَّ من أهل الكتاب (اليهود أو النصارى)، وبشرط أن يكنَّ عفيفات. قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}.
وما ذكرته من الممارسة مع هذه المرأة يدل بوضوح على أنها ليست عفيفة . وعليه فلا يجوز لك أن تتزوج بها, وننصحك بالابتعاد عنها, والبحث عن زوجة صالحة تعينك على التمسك بدينك.
كما ننصحك بالارتباط بالمراكز الإسلامية، فإن أهلها سيدلونك على الصواب، وقد تجد عندهم ضالتك.
ونسأل الله أن يعينك على الاستقامة والعمل بما يرضيه، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.