الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن ما قمت به من تقديم أوراق ثبوتية غير صحيحة لا يجوز لأنه داخل في شهادة الزور وقول الزور، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قائلاً: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور. وكان رسول الله متكئاً فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
ويستثنى من هذا الأصل ما إذا كان يقصد به التوصل إلى حق مشروع لا يمكن لصاحبه الوصول إليه إلا بهذا الطريق، وقد سدت في وجهه كل الطرق الأخرى.
وعلى أية حال، فإنه لا يجوز لك الزيادة على قدر حقك لما في ذلك من منافاة العدل الذي أمر الله عز وجل به في محكم كتابه، فقال تعالى: وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة:8}، وقال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ {البقرة:194}، ولا مانع من أن يأخذ أخوك حقه مما حصلت عليه من المال، لأن من قدر على استيفاء حقه فله أن يستوفيه إذا أمن حدوث فتنة أو الوقوع في رذيلة، كما قال خليل في مختصره، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 38796.
وما ذكرته من أتعاب ومحاماة فإنه لا يبرر لك مجاوزة الحق الذي لك، لأن على الخصم أن يخاصم عن نفسه لتخليص حقه، أو يتحمل تكاليف من يوكله في النيابة عنه في الخصام، ما لم يكن هناك لدد من الخصم، فإذا ثبت لدد الخصم كان من حق خصمه أن يحسب عليه أعباء الخصومة، قال ابن عاصم الأندلسي المالكي في تحفة الحكام:
وأجرة العون على طالب الحق * ومن سواه إن ألد تستحق
والله أعلم.