الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ارتكاب السرقة من الذنوب الكبيرة والجرائم القبيحة, ولا تتم التوبة منها إلا إذا رد السارق الحقوق إلى أصحابها. وكيفية التوبة منها - ومن غيرها - الإقلاع مباشرة عن الذنب، والندم على فعله, وعقد العزم على ألا يعود إليه فيما بقي من عمره, ورد الحقوق إلى أصحابها. وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة عليه في الفتوى رقم: 40782، والفتوى رقم: 69364.
وما دمت قد تبت من هذا الذنب العظيم ورددت المظالم إلى أصحابها فإننا نرجو أن يتقبل الله توبتك ويصلح حالك، كما قال الله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39}، كما نرجو أن تكون من الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات بعد التوبة، كما قال الله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70}، ولتبشر بخير ما دمت قد تبت التوبة النصوح, فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ولا ينبغي لصاحب الحق أن يرفع دعوى على من تاب من ذنبه وبعد ما حصل هو على حقه, والأفضل له أن يستر عليه, فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. وكان ينبغي لك أن ترد الحقوق إلى أصحابها بطريقة غير مباشرة حتى لا يؤدي ذلك إلى إحراج أو مشاكل يمكن تجنبها، وبإمكانك أن توسط من تعلم من أهل الخير عند صاحب الدعوى حتى ينهي الأمر ويتنازل عن دعواه.
والله أعلم.