الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يأجرك على صبرك على ما تلقى من أذى زوجة أبيك، وأن يثيبك على عفوك وعدم مقابلتك الإساءة بالإساءة، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.
أما عن سؤالك هل لك ترك السلام عليها، لعدم ردها السلام، فالجواب: أن السلام حق للمسلم على أخيه، ولا يسقط هذا الحق بعدم ردها السلام، قال في مطالب أولي النهى: (ولا يتركه) -أي السلام- (وإن غلب على ظنه أن المسلم عليه لا يرد) السلام كالجبابرة، لعموم: أفشوا السلام. (والهجر المنهي عنه، وهو) هجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام هو (ترك كلام مع من لقي لا عدمه)، أي: لا عدم اللقى فهذا (يزول بالسلام) لأنه سبب التحابب، للخبر، فيقطع الهجر، وروي مرفوعاً: السلام يقطع الهجران. انتهى.
وينبغي لك أن تبين لها أن رد السلام واجب، وأنها تأثم إن لم ترد السلام.
وأما تجنبها وعدم الجلوس معها اتقاء لأذاها فلا حرج في ذلك دون هجر، كما قال الله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا {المزمل:10}، والهجر الجميل قال ابن كثير: هو الذي لا عتاب معه. أي يتركهم ولا يتعرض لهم ولا يشغل باله بالتفكير فيهم كما قال بعض المفسرين.
والله أعلم.