الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسؤال غير واضح كما ينبغي، ولكن قبل الدخول في الإجابة على ما يظهر لنا أنه المقصود منه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن تنازل أخواتك عن حقهن في المحل في حياة أبيك (مورثهن) غير لازم، فمن حقهن أن يرجعن عنه بعد موته، لأنه إسقاط لحق قبل وجوبه، وذاك غير لازم عند أهل العلم.
ومثل هذا يقال في تنازل إخوتك إن كان لك إخوة من أبيك.
ثم إن الوالد مطالب شرعا بالتسوية في العطايا والهبات بين أولاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
إلا أنه إذا وجد مسوغ مقبول لتفضيل بعضهم على بعض فلا بأس، وفي هذا يقول ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى المغني 5/605.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فقد علمت مما ذكرناه أن أخواتك غير ملزمات بما صدر منهن من تنازل في حياة أبيك، فلهن أن يرجعن عن التزامهن بعد وفاته.
وعليه، فإذا رضين بالمائتين والخمسين التي أمرك أبوك بإرضائهن بها فلك أن تقتصر عليها. وإن أبين عن ذلك فمن حقهن أن تأخذ كل منهن نصيبها من التركة أو تعطيها من المال ما تتفقان عليه.
والله أعلم.