الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن الاقتراض من البنوك الربوية إثم عظيم وبلاء كبير، وأن على من تلبس بذلك التوبة إلى الله عز وجل والإقلاع فورا عن الاقتراض من هذه البنوك، وأن يندم على ما فات ويعزم على عدم العود لمثلها.
أما بشأن الديون السابقة فإنه لا يلزم ردها فورا إن كانت تقسط عليه، إلا أن يكون تسديدها فورا يسقط عنه الفوائد الربوية، أما إذا بقيت الفوائد على حالها فلا فائدة من المبادرة إلى السداد إلا فائدة يجنيها البنك الربوي نفسه، وهو أن يجتمع له سرعة السداد مع الفائدة.
أما مسألة أن يخصك والدك بالقرض دون إخوانك، فنقول إن الإقراض داخل في التبرع، فهو منيحة في اللغة، وسماه الشرع كذلك كما جاء في شرح النووي لمسلم، قال: قال أهل اللغة المنيحة ناقة أو بقرة أو شاة ينتفع بلبنها ووبرها وصوفها وشعرها زمانا ثم يردها. اهـ.
فهذا قرض في الحيوان كما يوجد قرض في النقد.
وجاء في إعلام الموقعين: فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة فقال: أو منيحة ذهبا ومنيحة ورق. وهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات.
وإذا تقرر أن القرض من جنس التبرع فقد نص العلماء على أن المطلوب من الأب المساواة بين أولاده فيه جاء في فتوحات الوهاب: وكره لمعط تفضيل أي سواء كانت العطية هبة أو هدية أو صدقة أو وقفا أو تبرعا آخر. اهـ.
وللوقوف على أقوال أهل العلم في هذه المسألة بين من يمنع المفاضلة مطلقا ومن يجيزها للسبب أو المسوغ راجع الفتوى رقم: 6242، هذا وفي حال ما إذا كان تسديدك للديون يسقط عنك الفوائد أو ينقذك من فوائد أخرى عند التأخر عن السداد في أجله فلا ريب أن ذلك يعتبر مسوغا شرعيا لتفضيلك على إخوانك في هذه المنيحة.
والله أعلم.