الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن وضع المال في ما يسمى بدفتر التوفير حرام، لأن ذلك يعد من قبيل الربا المحرم. ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 5942 .
ثم اعلمي أن الله سبحانه وتعالى قد جعل بر الوالدين والإحسان إليهما مقرونا بتوحيده وعبادته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}. وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن لوالدك الحق في الأخذ من مالك ما يحتاج إليه وبدون إذنك ، فقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل شكى إليه أخذ أبيه لماله، قال له: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود عن جابر، وابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم. رواه أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب.
ولكن هذا الحق الذي ذكرنا أنه للأب في مال ابنه ليس مطلقا، وإنما هو مقيد بقيود كثيرة، يمكنك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 46692.
ثم إن الأب لا يجب عليه تجهيز بنته من ماله الخاص ولو كان ميسور الحال، وإنما يجهزها بمهرها إن وجد، فإن لم يوجد فمن مالها الخاص. قال ميارة المالكي في الإتقان والأحكام شرح تحفة الحكام: إذا زوج ابنته البكر وكان متسع الحال فإنه لا يلزمه تجهيز ابنته من ماله، - يعني - وإنما يجهزها من صداقها خاصة، ويأتي أنه ينبغي تجهيزها بمالها من غير الصداق. اهـ.
وخلاصة القول، أنه ليس من حق أبيك ما فعله من الاستيلاء على جميع ممتلكاتك، وأنه ليس ملزما بأن يجهزك من ماله الخاص ولو كان ميسور الحال، وأن من حقه الأخذ من مالكِ بشرط أن يكون محتاجا إليه وأن لا يكون عليك في أخذه ضرر.
والله أعلم.