الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المرأة إذا أسقطت، لم يخل سقطها من عدة حالات:
الأولى: أن يتبين فيه شيء من خلق الإنسان كيد ورجل ونحو ذلك، وفي هذه الحالة تنقضي العدة بانفصاله باتفاق أهل العلم.
الحالة الثانية: أن يكون مضغة لا يتبين فيها شيء لكنها مصورة ولو صورة خفية بشهادة الثقات من أهل الخبرة وبانفصاله تنتهي العدة أيضاً عند الجمهور.
الحالة الثالثة: أن يكون مضغة لم تتصور بعد، لكن شهد أهل الخبرة أنها مبدأ خلقة آدمي لو بقيت لتصورت وبوضعه تنتهي العدة عند الشافعية وعلى رواية عند الحنابلة، أما إذا ألقت نطفة أو علقة أو دماً فلا تنتهي العدة بذلك، بل لا بد من الأقراء، ويرى المالكية أن العدة تنتهي بإلقاء الحمل ولو كان دما مجتمعاً لو صب عليه ماء حار لم يذب.
ففي الموسوعة الفقهية: والمراد بالحمل الذي تنقضي العدة بوضعه ما يتبين فيه شيء من خلقه ولو كان ميتاً أو مضغة تصورت، ولو صورة خفية تثبت بشهادة الثقات من القوابل، وهذا عند جمهور الفقهاء (الحنفية والشافعية والحنابلة)، وكذلك إذا كانت مضغة لم تتصور لكن شهد الثقات من القوابل أنها مبدأ خلقة آدمي لو بقيت لتصورت في المذهب عند الشافعية وهو رواية عند الحنابلة لحصول براءة الرحم به.
وقال الحنفية وهو قول آخر عند الشافعية ورواية عند الحنابلة لا تنقضي به العدة، لأن الحمل اسم لنطفة متغيرة، فإذا كان مضغة أو علقة لم تتغير ولم تتصور فلا يعرف كونها متغيرة إلا باستبانة بعض الخلق، أما إذا ألقت نطفة أو علقة أو دما أو وضعت مضغة لا صورة فيها فلا تنقضي العدة به عندهم.
وقال المالكية: إن كان دما اجتمع بحيث إذا صب عليه الماء الحار لم يذب يعتبر حملا تنقضي العدة بوضعه. انتهى.
وإذا علمنا مواصفات السقط الذي تنتهي به العدة عند جمهور العلماء علمنا أنه إذا كان مضغة لم تتبين فيها صورة ولا شهد أهل الخبرة بأنها مبدأ خلق آدمي أو كان علقة أو دما فإن العدة لا تنتهي به بل لا بد من الأقراء بأن تحيض ثلاث حيضات، ولا تعتبر دم الإجهاض من الحيضات إلا إذا كان صادف عادتها أو كانت فيه مواصفات دم الحيض، قال ابن قدامة في المغني: الحال الخامس: أن تضع مضغة لا صورة فيها، ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي، فهذا لا تنقضي به عدة، ولا تصير به أم ولد، لأنه لم يثبت كونه ولداً ببينة ولا مشاهدة، فأشبه العلقة، فلا تنقضي العدة بوضع ما قبل المضغة بحال، سواء كان نطفة أو علقة، وسواء قيل: إنه مبتدأ خلق آدمي أو لم يقل، نص عليه أحمد فقال: أما إذا كان علقة، فليس بشيء إنما هي دم، لا تنقضي به عدة، ولا تعتق به أمة. ولا نعلم مخالفاً في هذا إلا الحسن، فإنه قال: إذا علم أنها حمل، انقضت به العدة، وفيه الغرة، والأول أصح، وعليه الجمهور. انتهى.
وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 58423، والفتوى رقم: 3595.
والله أعلم.