الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا الشاب لا يعمل في بيع الخمر وليس مجال عمله في القاعة التي يباع بها الخمر ولا يعين على هذه المعصية فعمله جائز على الراجح، وذهب بعضهم للكراهة، وسبب ذلك هو أن مال المحل الذي يعمل به قد اختلط فيه الحلال والحرام، ولكن الراجح أن اختلاط المال والشك في مال الشخص هل هو من حلال أم من حرام؟ لا يجعل التعامل معه حراما، ما لم يعلم أن عين مرتبه الشهري حاصل من الحرام، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع اليهود في المدينة وهم أكلة السحت، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي، وأجاب دعوة يهودي دعاه على خبز شعير وإهالة سنخة.
ففي الحديث: أن يهوديا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. رواه أحمد. وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم .
ووجه الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم استجاب لدعوة اليهودي، واليهود كانوا يتعاملون بالربا ولا يتورعون عن أخذ المال الحرام، وفي الحديث: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها. رواه مسلم.
وأخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير.
وكان الصحابة في عصره وبعده يتعاملون مع اليهود، فقد روى الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيرا، فقلت: بأبي أنت ما لي أراك متغيرا؟ قال: ما دخل في جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث! قال: فذهبت فإذا بيهودي يسقي إبلا له، فسقيت له على كل دلو بتمرة فجمعت تمرا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أين لك يا كعب؟ فأخبرته. ... والحديث حسنه الألباني في صحيح الترغيب.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: الصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحامهم ما حرم الله سبحانه عليهم، فقد قام الدليل على ذلك قرآنا وسنة. قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ . إلى أن قال: والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأئمة على جواز التجارة مع أهل الحرب، وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم تاجرا انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 6880.
والله أعلم.