الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الطلاق غالباً لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج، إلا أن هنالك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع طلاقه فيها، ولا يمضى شيء من تصرفاته، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى وضع يجعله لا يعي شيئاً ولا يتحكم في تصرفاته، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة قياساً على المكره والمجنون.
ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره. وقد قسم ابن القيم رحمه الله تعالى أنواع الغضب بالنسبة للطلاق إلى ثلاثة أقسام فقال: طلاق الغضبان ثلاثة أقسام:
الأول: أن يحصل له مبادئ الغضب، بحيث لا يتغير عقله، ويعلم ما يقول ويقصده، وهذا لا إشكال فيه، يعني أن طلاقه واقع وقوعاً لا إشكال فيه.
الثاني: أن يبلغ النهاية، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده، فهذا لا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله.
الثالث: من توسط بين المرتبتين، بحيث لم يصر كالمجنون، فهذا محل النظر، والأدلة تدل على عدم نفوذ أقواله.
وللاستزادة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1496، 8628، 267577.
وبناء على ما سبق فإذا كان الرجل قد طلق زوجته وهو في حالة الانغلاق الذهني والفكري أو في حالة تقرب منها بسبب الغضب فطلاقه غير نافذ ولا زالت المرأة زوجة له، وأما إن كان مجرد غضب عادي بسبب الغيرة فطلقها وهو يعي ما يصدر عنه فقد طلقت عليه، وإذا حصلت مناكرة ولم تصدقه الزوجة أو وليها في دعواه فينبغي رفع الأمر إلى المحاكم لتفصل فيه بإعادتها إليه أو عدمها حسبما يتقررلديها بالبينات والقرائن .
والله أعلم.