الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن الرفقة تؤثر على الإنسان، والواجب على المرء الحريص على مرضاة ربه أن يختار لصحبته الصالحين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، أو من يصاحب. رواه أحمد، وأبو داود والترمذي وحسنه. وقديما قال الشاعر:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتـدي
وعليه، فهؤلاء الذين ذكرت أن عائلهم مغن وأن كسبهم كله من الغناء، لا ينبغي لك مخالطتهم إلا بقصد نصحهم بترك ما هم فيه من الحرام، ودعوتهم إلى التوبة.
ولا يجوز أكل طعامهم إذا لم يكن لهم مصدر رزق غير حرام.
وأما إذا كان لهم مصدر آخر مباح، فإن أكثر أهل العلم يكرهون الأكل عند من اختلط ماله الحلال بالحرام ولا يحرمونه.
وفيما يخص سؤالك الثاني، فإن كنت تسألين عما إذا كان من حقك أن تنفردي بسكن مستقل عن أهلك وأهل زوجك، فالأصل أن الزوج يلزمه شرعا أن يسكن زوجته في مكان مستقل عن أهله وأهلها، إن كان ذلك رغبتها، قال خليل بن إسحاق: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. قال شارحه عليش: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
وإذا رضي الزوج بسكن الزوجة مع أهلها والاكتفاء بالزيارات لأهله فقط فلا مانع من ذلك، فانفرادهما بالسكن المستقل حق لكل منهما، وإن تراضيا على أية طريقة أخرى للسكن عند أهلها أو أهله فلا حرج فيها ما لم تكن فيها معصية.
والله أعلم.