الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اتهام الإنسان لنفسه وخوفه من النفاق مؤشر خير، فقد كان السلف يخافون على أنفسهم من النفاق ، فقد كان عمر رضي الله عنه يسأل حذيفة: هل عدني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين ، وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه . رواه البخاري .
وهنيئا لك بالالتزام بالحجاب والاشتغال بحفظ القرآن فهما دليل على حبك للخير وتدينك واحرصي على كمال الدين في جميع شعب حياتك عملا بقوله تعالى : ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً {البقرة: 209 } وقوله تعالى : وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ {آل عمران: 119 } فاحرصي على أن تكون معاشرتك للوالدين طيبة فبريهما وأحسني إليهما وتلطفي بهما ، وأحسني خلقك مع جميع الناس، واحفظي لسانك من الوقوع في الغيبة، وتوبي لله مما سبق، واستسمحي من اغتبتِهم سابقا، واسألي الله العافية، وأن يصرف عنك الهم والحزن والمشاكل فإنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وما كان حصل من الأقدار عقوبة من الله فإن الله يصرفه عند حصول التوبة الصادقة والرجوع عن أسباب البلاء فإن الله يمحتن عباده ليرجعوا إليه ويتوبوا كما قال تعالى : ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الروم: 41 } وراجعي الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها : 71070 ، 68464 ، 66515 ، 22112 ، 71683 ، 58735 ، 71434 ، 45328 ، 36984 .
وأما ما يأتي في قلبك من الشعور بأن بعض العصاة لا تصيبهم المشاكل وأن قلوبهم طاهرة فاعلمي أن العاصي قد يبتليه الله ببعض الابتلاءات التي لا تظهر للناس فيكون عنده من الهم والقلق النفسي والمشاكل ما لا يعلمه إلا الله ، وقد يستدرجه الله تعالى فيزيده نعما ثم يهلكه ففي الحديث : إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ {الأنعام: 44 } . رواه أحمد والبيهقي في الشعب وصححه الألباني .
وبناء عليه فاحمدي الله على ما أعطاك، واضرعي إليه أن يصرف عنك جميع الشر، ولا تغتري بمظاهر الناس فإنك لا تعلمين ما بداخلهم ولا بما يعانون منه من أزمات ومشاكل، وانظري إلى من هو أسفل منك ولا تنظري إلى من فوقك، وارضي بما قسم الله لك ففي ذلك السعادة الحقيقية، وسلي الله العافية. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها : 47005 ، 60327 ، 64655 ، 51946 ، 56863 .
والله أعلم .