الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطالما أنه لا يوجد شهود على إعطاء أبيكم نصيبه لعمتكم سناء سوى نفسها، وأنه لا يوجد أيضا دليل علي إعطائه نصيبه لعماتك الثلاث سوى دعوى عمتك الأخرى ، ولم يكن لكم أنتم علم بشيء من ذلك، فلا بد لمن يدعي هذه الهبة من إقامة البينة الشرعية على دعواه، فإن لم تكن عنده بينة تثبت ذلك، فتحلفون أنتم على عدم العلم بذلك، وهذا هو ما يلزمكم قضاء. لأن القاعدة أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره، وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
ولا حرج في اليمين إن كان صاحبها على حق. ولكن الذي ينظر في البينات ويعتد بالحلف عنده أو النكول هو القاضي.
ونضيف أيضا أنه لو افترض وجود بينة تشهد بأن أباكم قد وهب نصيبه على أحد الوجهين المذكورين في السؤال، فإن الموهوب له لا يملك الهبة إلا بالقبض. وبالتالي فإن أيا من عماتك لا تملك ما وهبه الأب لها إلا بالقبض، فإن قبضت ما وهب لها أثناء حياة والدكم، وقامت البينة على ذلك فالهبة نافذة.
وإن لم تقبض الهبة في حياة الواهب فهي غير نافذة، ونصيب أبيكم من المنزل تركة يتقاسمه جميع ورثته، أو يتصرفوا فيه كيفما شاءوا .
فالحاصل أن هبة أبيكم لا بد أن تثبت بالبينة، وأن حيازتها في حياته لا بد أن تثبت أيضا، وإن اختل أحد الشرطين لم تنفذ الهبة.
والله أعلم.