الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم : 42954، والفتوى رقم: 1955 ، ما يجب للمطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، وحكم الخلوة الصحيحة وغير الصحيحة وما يترتب على ذلك كله، وقد ذكرنا خلالهما أن الراجح من أقوال أهل العلم هو اعتبار الخلوة الصحيحة كالدخول فيثبت بها كما يثبت بالدخول من كامل المهر والعدة والنفقة والسكنى، ولكن إذا عفت المرأة لزوجها عن صداقها أو بعضه هنا لعدم الدخول فلا حرج عليه في ذلك، قال تعالى : وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237 } .
وبناء عليه ما دامت الزوجة قد أعفتك من حقوقها وأبرأتك منها فليس عليك شيء بعد ذلك سواء أكنتما تعلمان حكم الخلوة وأنها كالدخول أم جهلتما ذلك، فمن أبرأ من حقه ولو كان يجهله صح إبراؤه ، قال المرداوي في الإنصاف : أما إن علمه المبرأ -بفتح الراء- أو جهله وكان المبرئ -بكسرها- يجهله صح سواء جهل قدره أو وصفه أو هما على الصحيح من المذهب .اهـ . وقال عليش : إسقاط الحق بعد وجوبه في نفس الأمر معتبر وإن تأخر العلم به . اهـ .
ولا ينبغي أن تذكر الخلوة وتشيعها إذا كان ذلك يؤذي سمعة البنت أو يفسد مستقبلها، فسترها أولى سيما وقد عفت عنك وأبرأت ذمتك .
والله أعلم .