الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كون عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لم يصلب ليس قولا لنا بل هو قول الله الذي خلق عيسى وخلق معاصريه والذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
وهذا الأمر منصوص عليه في القرآن والأناجيل تدل عليه. وقد قدمنا بيان ذلك وبيان الرد على شبهة إلقاء الله الشبه على غيره.
وبيان حكم من اعتقد صلبه اتباعا لما شاع آنذاك في الفتاوى التالية أرقامها:53029، 6238، 74347، 6272.
وأما زعم السائل أنه شهد عدلان بصلب المسيح أو أكثر من شاهدين فهذا عار من الصحة، فمن شاهدوا أو حضروا لم يوقنوا بالأمر، بل كانوا شاكين وأولى بالشك من جاء بعدهم، ولاسيما إذا اطلع على تكذيب القرآن للأمر وعلى قول أهل العلم في الموضوع وقد قدمناه في الفتاوى المحال عليها سابقا.
واعلم أن الله لا يلزمه إخبار تلاميذ عيسى بأي أمر وقد جلى الحقيقة لنا عند نزول الوحي على أول رسول بعد عيسى صلى الله عليه وسلم.
فوجب على الجميع الإيمان بما جاء به من عدم قتل عيسى وعدم صلبه وأنه سينزل آخر الزمن ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقتل الدجال ومن تابعه من يهود.
ولا أغرب من سخافة عقول نصارى الزمن من حيث يلهجون وراء أكاذيب اليهود ودعوى أنهم قتلوا وصلبوا عيسى وهم مع ذلك يخدمونهم وينصرونهم ويدعمونهم.
وأما إخبار الله بقتل بعض الأنبياء وعدم إخباره بقتل وصلب عيسى فإنه أمر لا يستغرب. فعيسى لم يقتل ولم يصلب كما صرح به القرآن ولم يغفله.
وأما مسألة بيان القرآن فإن الله أنزله مبينا على من يفهم لغة القرآن، وفيه بعض الأحكام والأمور التي جاءت مجملة بشكل مختص كأعمال الصلاة والحج وما أشبهها وقد كلف الله نبيه بيانها فقال: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ {النحل:44}
كما كلف أهل العلم الراسخين ببيان وتفسير ما يشكل على الناس بسبب خفاء المعنى اللغوي عليهم أو خفاء دلالة الكلمة التي تحتمل من معنى كما المحتملة للموصولية والاستفهام والنفي وكإن النافية والمخففة من أن المشدد، وفي هذا المجال قد يختلف أهل العلم بسبب كون اللفظ له عدة احتمالات وكلهم لم يختلفوا في أصل المسائل فلم يختلفوا في شخص فيجعله بعضهم هو الله وبعضهم يجعله ابن الله وغير ذلك من التناقضات الواقعة في النصرانية المحرفة. وراجع في حفظ القرآن من التحريف دون غيره وفي بيان تناقضات النصرانية المحرفة وبيان بطلانها وفي المزيد عما تقدم الفتاوى التالية أرقامها:
4042، 20706، 72294، 63472، 60869، 8210، 62110، 10326، 30506.
والله أعلم.