الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد في السؤال شيء يشبه التناقض، فأنت ذكرت أولاً أن الفتاة تعاني من ضعف في الذاكرة، ولا تستطيع تذكر القدر الذي بقي عليها بالضبط من دين الصيام خلال الأعوام الماضية، وذكرت في الأخير أنها تصوم وتنوي أن تكمل الصيام قبل رمضان، ولكنها في كل مرة يحل عليها رمضان وهي لم تكمل، مما يفيد أن لها علماً بما كان عليها من الصيام، وإلا لما جزمت بأنه لم يكمل، وعلى أية حال، فإن الذمة إذا كانت عامرة بالعبادة فإنها لا تبرأ منها إلا بيقين، وبما أن الفتاة على يقين من أن عليها عدداً من الأيام لا تعرف قدره، فالواجب أن تصوم القدر الذي يغلب على ظنها أنه الباقي عليها.
وأما مسألة تأخير قضاء رمضان حتى يجيء رمضان الذي بعده، فإنها إذا لم يبق من شعبان إلا قدر الأيام المتبقية عليها، فإذا لم يكن لها حينئذ عذر عن الصيام من حيض أو مرض أو نحو ذلك، فإنها تكون عليها كفارة قدرها مد عن كل يوم، ولا تتكرر بسبب تكرر التأخير، فلو افترضنا مثلاً أن عليها عشرة أيام، فإذا لم يبق من شعبان إلا عشرة أيام، فإن أفطرت في هذه الأيام دون أن يكون لها عذر في ترك الصيام، فإن الكفارة المذكورة تلزمها، ولا تتكرر إذا أخرت القضاء إلى مجيء رمضان ثالث.
والله أعلم.