الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن جميع ما ذكرته عن أخيك عبد العزيز أو أبيك ليس فيه ما يبيح لك أن تتعرض للآخرين بالاغتياب، فاستعمالك لعبارة: "أولئك الأوغاد" وصفا لشركاء أخيك، ووصفك أخاك بأنه معتوه، وأنه ليس له عقل فضلا أن يكون له قلب، كلها عبارات لا يليق بالمسلم أن يستعملها في حق غيره. ففي الحديث الشريف: قيل ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
فتب إلى الله من هذه العبارات، ولا تعد إلى مثلها.
وقولك: إن أخاك لا يفكر إلا في مصلحته الشخصية، يتنافى مع ما ذكرته عنه؛ لأنه لو كان كذلك لاهتم بأمر دينه قبل كل شيء.
ثم قولك: إن الطامة الكبرى هي أنه مقاطع لوالدتك ولإخوانك وأخواتك لأكثر من عشر سنين، هذا حقا يعتبر طامة كبرى، لما في قطع الرحم من الإثم الشديد، فقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23}.
ولكن قولك بأنه لا يصلي إلا بعض أيام الجمع، يعتبر –في الحقيقة- أكبر من جميع ما ذكرته، ولك أن تراجع في عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة فتوانا رقم: 6061.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الوالد لا يجوز له أن يؤثر بعض أولاده دون البعض إلا لسبب شرعي، وكنا قد بينا تفصيل ذلك من قبل فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6242.
واعلم أن أباك إذا كان قد بلغ مرحلة الحجر بأن كان قد اختلط عقله أو كان لا يحسن التصرف في المال فمن حقكم أن ترفعوا أمره إلى المحكمة الشرعية لتعين شخصا يقوم على أمواله، وإذا لم يكن بالغا ذلك الحد فتصرفاته في ممتلكاته صحيحة، وليس من حقكم أن ترفعوا دعوى ضده إلا فيما يتعلق بموضوع الإيثار، إن لم يكن يستند فيه إلى دليل. وعلى أية حال، فعليكم أن تعلموا أن حقه عليكم في البر والاحترام والصلة لا ينقصه ما ذكرت من إيثاره للأخ المذكور عليكم .
والله أعلم .