الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن التألي على الله منهي عنه، ففي صحيح الإمام مسلم من حديث جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟! فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك. وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث جندب قال: وطئ رجل على عنق رجل وهو يصلي، فقال الرجل: والله لا يغفر لك هذا أبدا، فقال الله عز وجل: من هذا الذي يتألى علي أن لا أغفر له؟! فقد غفرت له وأحبطت عملك.
ولكن ما ذكرته من حالك ليس من هذا الباب، لأن هذا الذي صدر منك هو مجرد حديث نفس، والله تعالى يتجاوز عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وحتى على افتراض أنك تكلمت بما حدثت به نفسك، فإنه يعتبر مجرد إخبار وليس فيه تأل على الله.
وحتى على افتراض أنك تأليت على الله، -وهو افتراض جدلي- فإن ما ذكرت أنك صرت فيه بعد هذه الحادثة من تفهم لمعاني القرآن وتركيز في الصلاة، والبكاء أحيانا من خشية الله, يعتبر توبة حسنة مقبولة -إن شاء الله- عند الله تعالى. ورُبَّ معصية انقلبت إلى نعمة على صاحبها بسبب ما أحدثه بعدها من التوبة والانكسار وزيادة الذل والخضوع لله رب العالمين.
والله أعلم.