الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فأول ما ننصحك به -أيها السائل الكريم- أن تتّقي الله، وأن تدع هذا الشعور، وتحاول إقناع نفسك بالسعادة والطمأنينة مع زوجك، وأن تنظر إليها بعين الرضا.
فعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا
وإذا جعل الزوج نفسه مجرد ناقد ومحاسب للزوجة، يترصّد حركاتها وسكناتها، فلن يجد إلا هدفه وغايته، ألا وهي الأخطاء، وما لا يعجبه منها.
والذي ينبغي أن يكون محل عناية الزوج وتركيز نظره هو ما فيها من الخلال الحميدة، والخصال الحسنة، فيحمد الله سبحانه وتعالى عليها، ويشكره على ذلك، وأن يتغاضى ويتغافل عما قد يلوح له من النقائص التي لا يسلم منها بشر، ما أمكن ذلك، خاصة إذا لم يتعلق الأمر بالديانة.
وليحذر من المقارنة التي يقع في ورطتها كثير من الأزواج، حيث يكون همّه هو عقد مقارنات بين زوجته وزوجات الآخرين، من غير أن ينتبه إلى أن هذه المقارنة ناقصة جائرة؛ إذ لا يعلم حقيقة الطرف الذي يقارنه بزوجته؛ فالغالب أنه خافٍ عليه من نقائصها الكثير مما لا يوجد عند زوجته.
وخلاصة ما ننصحك به: أن تسأل الله تعالى أن يرزقك السعادة في بيتك، والمودّة لزوجتك؛ فتقرّ عينك، وينشرح صدرك، ويطمئنّ قلبك، ولعلك إن كرهت من زوجتك خُلُقًا سرّك منها خُلُق آخر، كما قال الله جل وعلا: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقًا رضي منها آخر. أخرجه مسلم.
وأما ما تشعر به من عدم حبّها إياك، فتفّقد ذلك في نفسك أولًا، فلعلك لا تحبّها وتظنّها مثلك، على حدّ قول القائل:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم.
فأشعِرها بحبّك إياها، وتودّد إليها بالمعاملة الحسنة، والكلمة المؤثّرة، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، وإذا كان ذلك في العدّو، فما بالك بالصديق!؟
ثم إننا ننبهك إلى أنه ليست كل البيوت تُبنى على الحبّ وحده، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إن أقلّ البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام، والأحساب. أخرجه البخاري في التاريخ الكبير، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار. وانظر في ذلك الفتاوى التالية: 9226، 30318.
وننصح زوجتك بحسن التبعّل لك، والعناية بك، والتجمّل لك، ومراعاة مشاعرك، وطاعة أمرك في المعروف، كما بينا في الفتوى: 75258.
ولمعرفة حكم إطلاق النظر، وخطورة ذلك انظر الفتويين التاليتين: 27460، 61426.
نسأل الله جل وعلا أن يحسن عشرتكما، وأن يوفق بينكما.
والله أعلم.