الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن الفتنة بين الرجال والنساء هي أشد الفتن في الدين وأخطرها. ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. ومن رأى افتتان الشباب بالنساء، وكثرة ما يقع من الشر بمصادقتهن، أو النظر إليهن، علم صدق نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وكمال شفقته ورحمته بهم.
واعلمي أن ما ذكرته من أن هذا الشاب هو إمام مسجد، وأن والدك في أغلب الأحيان يصلي في ذلك المسجد، وأن أهلك يعرفون أهله، وأنه هو يعرفكم ويعاشر جميع إخوانك من أكبرهم إلى أصغرهم، إلى غير ذلك مما ذكرته وفصلته تفصيلا...
أقول: إن هذا كله إذا لم يكن دليلا على فتنة بعضكم ببعض، فإنه على الأقل ليس دليلا على البراءة من ذلك، وإنما هو في الحقيقة حبالة من حبائل الشيطان ومكيدة من مكائده. فابتعدي وانأي بنفسك عن هذا الشر المستطير.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن ما ذكرته من أن صديق أخيك سيعطيه 300 درهم إن نجح في الامتحان هو وعد من صديق أخيك لأخيك، والوعد قد ذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن الوفاء به مستحب وليس بواجب، فمن ترك الوفاء به فلا إثم عليه، لكن يكون قد ارتكب مكروها كراهة تنزيهية، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الوفاء به مطلقا.
ويعني أصحاب القول الأخير: أن الواعد إذا لم يف فهو آثم، وذهب بعض العلماء إلى التفصيل في ذلك، فقال: إن كان الموعود دخل بسبب الوعد في شيء يناله ضرر بالتراجع عنه، وجب الوفاء به، وإلا لم يجب الوفاء به، وكان مستحبا.
وهذا هو مشهور مذهب مالك، وهو أقرب هذه الأقوال إلى الصواب، وأشبهها بما يتماشى مع مقاصد الشرع وقواعده.
والله أعلم.