الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبر الوالدين وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات، لما لهما من حقوق عظيمة أكد القرآن والسنة عليها.
قال الله سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15}.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : لما سئل عن أي الناس أحق بالصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك. رواه مسلم
ولكن الوالدين إذا أمرا بترك واجب أو بفعل معصية فلا تجوز طاعتهما في شيء من ذلك. وإن صلة الرحم واجبة، وقاطعها آثم مستحق للعقاب يوم القيامة، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذلك لك.
وعليه، وبما أنك ذكرت أنه توجد قرابة بين أسرتك وأسرة زوجتك، فلا يجوز أن تطيع والديك في قطع هذا الرحم.
ولكن عليك أن تتودد إلى والديك وتحسن إليهما، وتنبههما على أن المانع لك مما يطلبانه منك هو أنه يخالف أمر الله تعالى.
ولا تفرط لحظة في برهما والتقرب إليهما، فإن أمرهما بما فيه الإثم لا يُسقط شيئا من حقهما، وإذا وجدت رضاهما مستحيل بدون أن يعلما أنك قاطعت هذه الأسرة فلا مانع من أن تلجأ إلى المعاريض، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، فيمكنك مثلا أن تقول: أنا أزور آل فلان وتنوي آل فلان آخرين غير أصهارك، أو تقصد أنك لا تزورهم باستمرار، أو لا تكثر من زيارتهم .
والله أعلم .