الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فالزواج بنية الطلاق دون اشتراط ذلك في العقد، قد اختلف العلماء في صحته، ومذهب الجمهور جوازه، وراجع الفتوى: 50707. هذا من حيث أصل المسألة عند الفقهاء.
لكن عقد الزواج بالصورة التي ذكرتها، لا يعدو في الغالب أن يكون عقدًا صوريًّا، يتوصل به إلى هدف غير الهدف الذي شرع لأجله الزواج الحقيقي، إضافة إلى ما قد تترتب عليه من مفاسد كبيرة، منها ضياع الذرية -إن وجدوا-، وتشويه صورة الشباب المسلم في تلك البلاد؛ ولذلك أفتى كثير من أهل العلم المعاصرين بالمنع من هذا الزواج، ومن أبرز هؤلاء: المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، فقد ورد سؤال إليهم فيه: يتفق رجل وامرأة على عقد زواج مقابل مبلغ من المال يدفعه إليها، وقد يكون هذا المبلغ مقطوعًا، أو موزعًا على سنوات -حسب الاتفاق-، وذلك في مقابل أن تذهب معه إلى مصلحة شرطة الأجانب عند تجديد الإقامة كل سنة، إلى أن يحصل على الإقامة الرسمية، ومن ثَمَّ؛ يفسخ العقد.
وفي تلك الأثناء إما أن يعيش الرجل مع هذه المرأة عيشة الزوجين، بمعنى أنه يضمّهما بيت واحد يتعاشران فيه معاشرة الأزواج، إلا أنهما يتفقان على فسخ العقد عند حصول الزوج على الإقامة الرسمية، وهذا الاتفاق لا يصرح به طبعًا عند الجهة العاقدة؛ لأن القانون لا يسمح بذلك.
فأجابوا عنه بقولهم: حرام، يأثمان عليه؛ وذلك بسبب منافاة هذا العقد لمقصد الشريعة في الزواج؛ إذ هو عقد صوري مقصود به أمر آخر غير الزواج، فهو لو استوفى شروط العقد؛ فإنه لا يحلّ لهذا المعنى، وكذلك لأجل أن قانون البلاد لا يسمح به، يتأكد المنع بمجيء هذه الصورة مخالفة لقانون البلد، والقانون هنا متفق مع المقصد الشرعي، كما أن هذه الصورة لا تخلو من شَبَهٍ بنكاح المتعة الذي حرّمه النبي صلى الله عليه وسلم، من جهة التوقيت الذي فيه إلى فترة الحصول على الإقامة، ثم يفسخ العقد بعد ذلك، كما عبر السائل. انتهى.
والله أعلم.