الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمضاربة هي أن يدفع شخص مالاً لآخر يستثمره نظير جزء من ربحه. ومن شروط صحة المضاربة أن يكون نصيب كل من المضارب وصاحب رأس المال من الربح نسبة مشاعة كالثلث والربع ونحو ذلك، ومن شروطها أيضاً أن لا يضمن المضارب رأس المال في حالة الخسارة إلا عند التفريط والتعدي.
وعليه فإذا كنت دفعت مالك للشخص المذكور ليضارب فيه حسب ما تقدم فالمضاربة صحيحة.
أما قبولك رأس مال صديقك لتضارب به عند المضارب الأول فيشترط له بالإضافة إلى الشرطين المتقدمين أن يأذن لك بإذن صريح أو بتفويض عام في المضاربة بماله عند مضارب ثان.
جاء في المبسوط من كتب الحنفية: ولو دفع إلى رجل مال مضاربة بالنصف وقال له اعمل برأيك فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالثلث فعمل به وربح فللمضارب الآخر ثلث الربح وللأول سدسه ولرب المال نصفه لأن دفعه إلى الثاني مضاربة كان بإذن رب المال حين قال له اعمل برأيك فالمضارب بهذا اللفظ يملك الخلط والشركة والمضاربة في المال. انتهى.
فإذا وجد هذا الشرط بقي النظر في الشرطين المذكورين في السؤال وهما ضمان رأس المال أو بعضه، وهذا الشرط شرط فاسد لا يحل لك عرضه ولا العمل به؛ لأنه يخرج المعاملة من المضاربة الشرعية إلى أن تصير قرضاً ربوياً.
كما ننبه السائل الكريم إلى أنه في حال عقد مع صديقه عقد مضاربة صحيحة يجب أن يكون النصيب المتفق عليه بين صاحب المال والمضارب من الأرباح لا من رأس المال، فرأس المال ملك لصاحبه وما زاد عليه يقسم بينهما حسب الاتفاق، ولا يستحق الربح إلا بالظهور، ولا يملك إلا بالتنضيض، ولا يلزم إلا بالقسمة، هذا وإذا كان الأخ السائل يريد أن يطمئن صديقه المتخوف فيجوز له في حالة واحدة أن يضمن له رأس ماله وهي أن يقول له إذا تعدى أو فرط المضارب الأول في مالك فأنا ضامن، وهذا ما يعرف عند الفقهاء بضمان ما لم يجب وهو ضمان صحيح عند جمهور الفقهاء.
والله أعلم.