الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشخص يجوز له التصرف الكامل في ماله بالهبة والصدقة وغيرهما، وليس لذلك حد معين ينتهي إليه، بل لو تصدق بكل ماله لجاز ذلك، لكن لا ينبغي له الإقدام على ذلك إلا إذا كان على درجة عالية من الرضى والصبر والقناعة، ففي شرح النووي لصحيح مسلم بعد ذكره لحديث توبة الله تعالى على كعب بن مالك الذي أراد الصدقة بماله كله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى إبقاء بعضه، قال النووي: وإنما أمره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفاً من تضرره بالفقر، وخوفا أن لا يصبر على الإضاقة، ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر رضي الله عنه بجميع ماله فإنه كان صابراً راضياً. انتهى.
ومن تصدق بمال معين لا يملك سواه نفذت صدقته عند بعض أهل العلم، ففي المنتقى للباجي: ومن تصدق بشيء معين وهو جميع ماله فالمشهور من المذهب أنه يلزمه إخراج جميعه، وفي النوادر عن ابن نافع: يجزئه الثلث. انتهى.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 60496، والفتوى رقم: 76789.
وما قيل عن الحد الأدنى من الصدقات صحيح وهو أداء الواجب من الزكاة، وأما الحد الأقصى ففي حال حياة المتصدق فالأمر كما ذكرنا، وأما الصدقة المعلقة بالوفاة وتسمى الوصية فإن الله عز وجل أجاز الوصية بالثلث فما دون، ولا تنفذ الوصية بما زاد على ذلك إلا برضى الورثة.
والله أعلم.