الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما النقطة الأولى من سؤالك فقد ذكرنا فيها أن المعتبر في شعر العانة الذي يثبت به بلوغ المرء حد التكليف هو الخشونة التي يستحق معها أن يؤخذ بالموسى. وذكرنا كلام ابن قدامة في ذلك، وقلنا إن مثل هذا [أي اعتبار خشونة الشعر في الإنبات] يوجد في كتب المالكية والشافعية، فقد قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثالث في البلوغ، ويحصل في حق الغلام والجارية بأحد ثلاثة أشياء، وفي حق الجارية بشيئين يختصان بها؛ أما الثلاثة المشتركة بين الذكر والأنثى: فأولها خروج المني من قبله وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد...إلى أن قال: وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل، أو فرج المرأة الذي استحق أخذه بالموسى، وأما الزغب الضعيف فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير. وبهذا قال مالك والشافعي في قول، وقال في الآخر: هو بلوغ في حق المشركين، وهل هو بلوغ في حق المسلمين؟ فيه قولان. اهـ
وليس معنى ما ذكرناه أن الشافعية مجمعون على أن الإنبات دليل على البلوغ، وإنما معناه أن المعتبر في الإنبات عند من يقول به منهم هو خشونة الشعر.
ثم إن استبعادنا لكون طول الشعر سم أو سم ونصفا دون أن يكون خشنا، ليس معناه نفي ذلك البتة، وإلا لما أجبنا بما أجبنا به، وإنما معناه أنه نادر.
ثم إنه إذا حصلت خشونة في شعر العانة سواء كان ذلك بسبب استعمال الموسى أم لا، فإن ذلك يعتبر دليلا عند من يقول به من أهل العلم بشرط أن يكون صاحبه في سن يحتمل فيها البلوغ، وهي اثنتا عشرة سنة فما فوق.
وحول النقطة الأخيرة، فإن الشخص إذا حصل له بعض أدلة التكليف، سواء كانت احتلاما أو إنباتا للشعر الخشن فعليه أن يلتزم بمحاسبة نفسه، وإذا شك في حصول دليل التكليف فعليه أن يأخذ نفسه بالاحتياط.
مع أن الأفضل له أن يمتثل أوامر الشرع ويبتعد عن منهياته قبل البلوغ؛ لأن كل ذلك سيكتب له.
والله أعلم.