الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن والدك رحمه الله إن كان منعك لسبب وجيه مقبول، كأن يكون بين الأسرتين مثلاً عدم تفاهم قد يؤدي إلى شحناء وبغضاء وخصام، فينبغي مراعاة ما كان وجَّهَكَ به قبل موته، لأن ما كان يخشاه من زواجك بهذه المرأة ما زال باقياً بعد موته، ولكن هل طاعته بعد موته في مثل هذا الأمر مستحبة أو واجبة، الذي يظهر لنا والله جل جلاله أعلم أنها غير واجبة.
وإن كان السبب الدافع له إلى منعك من الزواج بها سببا يتعلق به، وكانت المرأة لا تُعاب في دينها ولا خلقها فلا نرى مانعاً من زواجك بها الآن، لأن العقوق الذي هو فعل ما يسوء غير حاصل الآن، وانظر الفتوى رقم: 50264.
ولا شك أن بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، ولكن هذا البر لا يبلغ درجة البر الواجب الذي كان مطلوباً في حياتهما، فيستحب أن يدعو لهما، وأن ينفذ عهدهما، وأن يكرم صديقهما. واعلم أن مسألة ضبط ما يجب طاعة الوالدين فيه وما لا يجب مسألة عسرة حتى قال فيها الإمام المجتهد ابن دقيق العيد رحمه الله: ضبط الواجب من الطاعة لهما، والمحرم من العقوق لهما فيه عسر.اهـ .
والله أعلم.