الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحقيقة أن مواقع الزواج على الإنترنت كثيرة، وهي بين مواقع متخصصة، وخدمات تقدمها بعض المواقع رغبة في تكثير عدد متصفحيها.
وانتشار هذه الظاهرة يدل على حجم وعمق المعاناة التي تعيشها المرأة المسلمة في مجتمعاتنا، التي جعلت الزواج صعباً، فصار الحرام أسهل من الحلال، حتى أطلَّ علينا شبح العنوسة، وصار يهدد أمل الشباب في إقامة أسر سعيدة، ويقضي عليهم باليأس والقنوط، كل ذلك بسبب حيدة المجتمع عن الأخذ بأحكام الإسلام في تيسيره أمر الزواج، في هذا الوضع المزري الذي لولاه لما باحت العذراء ذات الخدر بسرها -والذي وجدت في الإنترنت سبيلاً للبوح به- مما يدل على عمق المأساة وحجم المشكلة.
هذا ما نظنه سبب المشكلة. أما الحكم عليها فيختلف باختلاف المواقع: فمنها الجاد الذي هدفه التوفيق بين الجنسين ويتخذ احتياطات جيدة في ذلك، فيقوم باستقبال الطلبات من الطرفين، ثم يقوم بالمطابقة بينها، ثم يُعْلِم الطرفين بذلك دون أن ينشر شيئاً من بياناتهما، وهذه الطريقة لا حرج فيها، بل هي من التعاون على البر والتقوى، مع التنبيه إلى أن الأمر بعد موافقة الطرفين يعتبر مجرد خطبة له أحكام الخطبة، أما الزواج فله شروطه التي يجب توافرها للحكم بصحته.
ومن المواقع ما هو هازل، أو ما يتخذ مسرحاً للفارغين، وذلك بأن ينشر الطرفان بياناتهما وعنوانهما، وهذا ما يجعل القضية محفوفة بالمخاطر، وسبيلاً للعب بعواطف البنات، والتغرير بهن، فينبغي اجتناب هذه الطريقة سداً للذريعة المفضية إلى ما لا تحمد عقباه.
أما الحديث المذكور قصته:لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها، فقد رواه البخاري وغيره. وحكمة النهي فيه - كما يقول العلماء- هي خوف أن يعجب الزوج الوصف فيفضي إلى تطليق الواصفة، لأنها دون من وصفت، أو الافتتان بالموصوفة، وهذا في غير طالب الزواج، أما طالب الزواج فيجوز له رؤية من يريد نكاحها في غير خلوة، فمن باب أولى أن توصف له.
والله أعلم.