الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك إنه سميع مجيب ، وأما ما ذكرت من حالك وما آل إليه أمرك فسببه الاستهانة بالمعاصي جليلها وحقيرها، وعدم امتثال أوامر المولى جل وعلا حيث قال : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30 } وقوله : وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32 } وقد تدرج بك الشيطان حتى آل بك الحال إلى ما أنت عليه، ولا يزال بك يغريك ويوسوس لك ويزين لك المعاصي ويخففها في عينك حتى يوقعك فيما هو أعظم فأنت مبتغاه وإفسادك هو غايته، وقد أقسم على ذلك كما أخبر تعالى عنه في قوله : وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا {النساء: 119 } هذا هو الداء، والدواء هو امتثال ما أمر الله تعالى به من غض البصر وحفظ الجوارح والاستعانة بالصبر والصلاة والاستعاذة من الشيطان بالذكر وقراءة القرآن قال تعالى : وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف: 200 } واعلم أن علاقتك بتلك الفتاة محرمة ويجب عليك قطعها والكف عن محادثتها ومراسلتها، وينبغي أن تغير عنوانك البريدي ورقم هاتفك وجميع عناوينك التي بيدها وتقطع كل سبيل قد يوصلك إليها أو يربطك بها، اقرأ ما قرره العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى لعلاج العشق في الفتوى رقم : 9360 ، واعلم أن خير ما يعينك على الالتزام مصاحبة أهل الخير ومجالسة الصالحين والبعد عن أصدقاء السوء كما قال تعالى : وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف : 28 } وهذا ما وجدته بالفعل خلال أسبوع من الطاعات والتجاء إلى الله تعالى، فلا تصدق إيحاء الشيطان بأنك عاجز عن نسيان هذه الفتاة، بل تيقن أن النفس كالرحى تطحن ما يصل إليها، فإن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فاستعن بالله تعالى، واملأ وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك .
وقد ذكرت في سؤالك أنك زرت مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وشرفت بالصلاة فيه والاطراح بين يدي الله عز وجل وعنده إمعانا في التوبة وطمعا في المغفرة، وقد توسلت إليه بأسمائه وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، وللتوسل ضوابط فمنه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين : 4413، 16690، وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتويين : 1072، 11945.
والله أعلم .