الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الغرغرة في ظاهر الفم ودعت إليها الحاجة فهي في حكم المضمضة، فإذا سبق شيء منها إلى الحلق بغير قصد منك وعجزت عن رده فصومك صحيح، وظاهر الفم ينتهي عند مخرج حرف الحاء، قال العلامة الجمل في حاشيته على فتوحات الوهاب لزكريا الأنصاري الشافعي: وأول الظاهر من الشفتين، وآخره مخرج الخاء أو الحاء. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يفطر بالمضمضة بغير خلاف، سواء كان في الطهارة أو غيرها، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن عمر سأله عن القبلة للصائم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس. قال: فمه. ولأن الفم في حكم الظاهر، فلا يبطل الصوم بالواصل إليه، كالأنف والعين، وإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف، فلا شيء عليه، وبه قال الأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه، وروي ذلك عن ابن عباس. وقال مالك وأبو حنيفة: يفطر، لأنه أوصل الماء إلى جوفه ذاكراً لصومه، فأفطر، كما لو تعمد شربه. ولنا أنه وصل إلى حلقه من غير إسراف ولا قصد، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه، وبهذا فارق المتعمد. انتهى.
ولو قضيت ذلك الذي تحققت فيه من وصول بعض المحلول إلى الحلق خروجاً من خلاف أهل العلم لكان ذلك أحسن وأحوط.
والله أعلم.