الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله جل وعلا أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وعليك بالصبر وحسن الظن بالله تعالى، فالوسواس مرض يعتري بعض الناس ابتلاء وامتحانا من الله، وله علاج يذهبه بإذن الله، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم : 51601 ، وفي حالة الضيق والكرب قد تصدر من الموسوس كلمة أو كلمات تغضب الله تعالى ولكنه لا يؤاخذ بها ما دام أنه مغلوب عليه وقد قال الله تعالى : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286 } وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . فالشيء الذي يصدر عن غير إرادة من الإنسان غير مؤاخذ عليه وكيف يؤاخذ عليه وهو يدافعه بكل ما يملك بعد مرور تلك اللحظة الصعبة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : وكثيرا ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره كما قال الصحابة : يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به فقال : ذاك صريح الإيمان ، وفي رواية : ما يتعاظم أن يتكلم به : قال : الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد ، والصريح الخالص كاللبن الصريح ، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس ، فمن الناس من يجيبها فيصير كافرا ومنافقا ، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين فإما أن يصير مؤمنا وإما أن يصير منافقا . انتهى .
وأما مع عدم الغلبة فالتسخط من الدين وأحكامه والاعتراض عليه سواء كان ذلك للصلاة أو للحور العين أو غير ذلك من الأحكام المقطوع بثبوتها خروج عن الدين وعلى من حصل منه ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره ويعود إلى الاسلام من جديد بالتلفظ بالشهادتين .
والله أعلم .