الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الشيطان قد يوسوس للإنسان بأشياء كثيرة يخيل له أنه مصاب بها من غير أن يكون ذلك صحيحا، من أجل أن يضعفه عن العبادة.
وقولك: إنك إذا لم تقضي طيلة نهارك بالأكل من الصباح إلى المساء، لا تأكلين طيلة اليوم، لأنك تصابين بفقدان الشهية...
أقول: إنه ليس من المستبعد أن يكون هذا من وساوس الشيطان يريد أن يثبطك ويوهن بدنك عن العبادة، فعليك أن تحاولي تناول الطعام على خلاف ما ذكرته من عادتك، وأن تحاولي قضاء جميع الأيام التي أفطرتها من رمضان إن استطعت القضاء، إضافة إلى كفارة تأخير القضاء مع القدرة عليه, فإن كنت عاجزة عن القضاء (في الفترة التي تسبق رمضان بالقدر الذي عليك من أيام تلك السنة) فلا تلزمك كفارة تأخير، وإن كان الضعف الذي تذكرينه ضعفا حقيقيا وليس وسوسة، وكنت لا تستطيعين معه الصيام حقيقة، أو أخبرك طبيب ثقة أنك عاجزة عن الصوم عجزا لا يرجى زواله فيكفيك حينئذ إطعام مسكين واحد عن كل يوم من أيام الصيام أداء كان أم قضاء. وهذا الإطعام قدره 750 جراما تقريبا من غالب طعام أهل بلدك، وراجعي في هذا وفي الذي قبله الفتوى رقم: 72908 ، والفتوى رقم: 10865.
وأما عن مشكلتك الثانية، فنقول لك أولا إن الخطيبة أجنبية من خطيبها، ولا يحل له منها إلا ما يحل من الأجنبية. ومن المعلوم أن الأجنبية لا تجوز المحادثة معها بقصد إثارة الشهوة، ولا تجوز الخلوة بها، ولا النظر إليها كاشفة. فما ذكرته من أنك تختلفين مع خطيبك في أمور كثيرة، لأن كلا منكما لا يستطيع أن يوصل أو يعبر للآخر عن رأيه، وأنكما تتشاجران دائما، ولكنكما تتنازلان لبعضكما البعض، وأن خطيبك يمارس العادة السرية، إلى آخر ما ذكرته... أقول إن هذا الكلام يدل على علاقة واحتكاك وخلوة وأمور أخرى كثيرة لا يسمح بها الشرع بين الرجال والنساء الأجانب. فإذا لم يكن عقد النكاح قد تم بينكما فتوبا إلى الله مما ذكرته واقطعا هذه الصلة حتى يحين الوقت الذي تصير فيه مشروعة بينكما.
ثم قولك إن خطيبك لا يصلي، وأنه وعدك بأن يصلي لكنه لم يصل لغاية الآن، وأنك كلما دعوته للصلاة تشاجرتما إلى آخر ذلك...
أقول: إن خطيبك هذا إذا كان مستمرا على ترك الصلاة، ولم تجدي منه دليلا على أنه سيتوب إلى الله ويقيم الصلاة، فإنه لا يصلح أن يكون لك زوجا؛ لأن تارك الصلاة بالكلية يعتبر مرتدا عن الإسلام، خارجا عن ملته، والعياذ بالله.
وإذا كان يصلي أحيانا ويتركها أحيانا، فقد قيل بكفره أيضا، ولكن الراجح عندنا أنه ليس بكافر ولكنه فاسق فسقا شديدا. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 17277.
كما يمكنك أن تراجعي أيضا في حكم العادة السرية التي ذكرتها عنه فتوانا رقم: 7170 ، والحاصل أن خطيبك هذا إما أن يكون كافرا، والكافر لا يصح عقده على المسلمة، وإما أن يكون فاسقا فسقا كبيرا، والفاسق لا ينصح بالتزوج منه؛ لأنه ليس كفؤا للمسلمة. فقد ذكر أهل العلم أن المعتبر في الكفاءة هو الدين، وهو الذي تشهد له الأدلة. قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13}. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . رواه الترمذي وهو حسن.
ومفهوم هذا الحديث أنه إذا أتاكم من لا ترضون خلقه أو دينه فلا تزوجوه.
والله أعلم.