الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى علم الأبناء كيف يخاطبون آباءهم، وينصحونهم - وإن كان الأب كافرًا-، وذلك في قصة نصح أبينا إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- لأبيه، قال عز وجل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا {مريم:41-48}، فالرفق، واللين، وإظهار الرحمة في كلامك مع أبيك، كل ذلك كفيل بأن يجعله يصغي إليك، واستعن قبل محادثتك له بالدعاء، بأن يفتح الله تعالى قلبه لاستقبال كلماتك، واقرأ الآيات المذكورة قبلًا من سورة مريم، وتفسيرها، ويمكنك أن تهديه بعض الكتيبات، والأشرطة، إذا كان ممن يتقبل ذلك.
كما يمكنك أن ترسل إليه من يزوره من أهل العلم، والدعوة، المعروفين بالحكمة، والقدرة على التأثير، مع ما سبق من التلطف في النصيحة.
ومع فعل الأسباب الممكنة، فإن الله سيفتح عليه من فتوحه، ويوفقه للتوبة -إن شاء الله-، ولست أنت أرحم بأبيك من ربك، فرحمته سبحانه وسعت كل شيء.
والله أعلم.